التسميات

السبت، 4 أغسطس 2012

الكسل والخمول

أمين طفل في العاشرة في الصف الخامس الإبتدائي، ضمه ابن عمته "عماد" مع بداية العام إلى قسمه الخاص، لرفع مستواه في اللغة العربية.
القسم في الطابق العلوي، في غرفة صغيرة يؤدي إليها درج، ينتهي إلى بهو صغير تجلس فيه غالبا ربة المنزل وهي عمة أمين.
أيام من الدراسة مرت، لاحظ عماد خلالها أن خط أمين ردئ جدا، فكلفه بكتابة نصوص كتاب القراءة كاملة.
لم يبدر من الولد حينها ما ينم عن استيائه، لم يتدمر ولم يعترض، بل انتظر بكل هدوء نهاية الدوام، ونزل إلى البهو قبل أن ابن عمته، أين كانت هذه الأخيرة تنتظره لتستفسر عن أخوال أهله. اتجه صوبها وقال: "عندما ينزل عماد أخبريه أنني لا أملك كراسا وليس في البيت قلم؟
رد مذهل لم يبق لبليغ كلاما، ولا لقائل مقالا، ويجدر به أن يصير في الناس مثلا ساريا، عن كل من قصرت همته عن طلب المعالي، وثقل على نفسه ترك فراشه الوثير، وتجاهل نداء النوم الذي يداعب جفنه، ليذهب إلى عمل فيه شقاء مضني، أو يطلب علما يتعب عقله وينغص راحته. وهذا أمر جلل، وشيء خطير له ما بعده من مصائب.. أن يكثر في المجتمع ناس من هذا النفر؛ ديدنهم الخمول وطبعهم الكسل، وحياتهم ملل وفراغ؛ لا غاية ينشدونها، ولا هدف يعيشون لتحقيقه، وباختصار... هم الأحياء الأموات.
يستلقي أحدهم على السرير ويعد الأماني كما يعد النجوم، ثم يستيقظ في غده ويكمل عده، لا يغير في يومه شيئا، وينتظر من الحظ أن يقرع بابه فيشرب من كؤوس الهناء أحلاها.
هذا يرى أول الطريق ولا يبصر آخرها ، و لو مدّ طرفه قليلا لرأى فوق ما يتمنى . ومثال ذلك ما روي عن صيادين ذهبا إلى البحر للصيد ؛ كان أحدهما مستلقيا بينما الآخر يعمل بجدّ ، التفت هذا الأخير إلى صاحبه و قال :
  • جالسا يا صاح؟ قم و اصطد ثمّ بع لتحصل على مال يعينك .
  • هب أني حصلت على المال فماذا سأفعل به ؟ أجاب الأخر.
  • تشتري طوافة صغيرة .
  • و ما بعد شرائها ؟
  • تدخل البحر تصطاد سمكا أكثر و تبيعه .
  • و ماذا أصنع به ؟
  • تشتري قاربا كبيرا .
  • ثم ماذا ؟
  • تبحر إلى مسافة بعيدة حيث تجد الأسماك الكبيرة و الحيتان الغالية .
  • و بعد ؟
  • تجني من بيعها مالا وفيرا.
  • و بعد الحصول عليه ؟
  • تبني بيتا كبيرا .
  • ما ذا أعمل بعدها ؟
  • ترتاح .
أجاب بانشراح : إذن من الأن أنا مرتاح ...‼
الخامل وحده يرى الرقي إلى العلا أمرا صعبا ، وهو بين يديه يسير لو أراد له طلبا ، وسعى إليه سعيا دؤوبا ، و أقدم بكل عزم ، لا يخشى نوائب الدهر ، و لا يتعبه طول السفر ، مادام متسلحا بالصّبر و الحكمة و الإيمان .
إذا ماتمنى المرء إدراك غاية عليه بإهمال التقاعد و الكسل
فلا تدرك الغايات من دون همة ويحظى بها الإنسان بالجد والعمل
هذي رسالتنا لكل فرد ، لأنّ صلاحكم غايتنا ، و نجاحكم أملنا ، فتقبّل أخيّ نصحنا ، ونحن نقول لك دوما : شمّر عن ساعد الجدّ ، و اجعل الكسل لك عدوا . امش قدما تنل مبتغاك ، و اعمل بحزم تجن ثمار تعبك لأنه :
إن كنت تطلب عزا فادرع تعبا أو فارض بالذّل و اختر راحة البدن
فقد قال هادى القلوب – صلى الله عليه و سلم - : "لا تأتوني بأنسابكم و أتوني بأعمالكم "
تذكر أنّ العلم مفتاح الرقي فاطلبه أينما كان ، و لا تسوغ كسلك بذرائع سخيفة لأنّ هذا يحبطك و يحطّ من عزيمتك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق